هل يصبح مركز قيادة الجيش خالياً بعد خلو منصب الرئاسة ؟

تخيير المعارضة بين انتخاب رئيس للجمهورية أو تحمّل بقاء الحكومة

هل يصبح مركز قيادة الجيش خالياً بعد خلو منصب الرئاسة ؟

اميل خوري (النهار) ، الخميس 13 آذار 2008

تبدأ الثلثاء المقبل دورة آذار العادية ومجلس النواب مقفل، فلا دورة عادية ولا دورة استثنائية تجعل الرئيس بري يعلن فتح اي منها طبقا للاعراف والاصول، الامر الذي جعل نواباً متشددين في قوى 14 آذار يقترحون تكليف نائب الرئيس اعلان فتحها لأن هذه الدورة قد تكون حاسمة بالنسبة الى موضوع الانتخابات الرئاسية، فاما ينتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وتخرج البلاد من ازمتها الخانقة، واما يصبح انتخابه مستبعداً بعدما اخذ بعض حلفاء سوريا في لبنان يكشفون عن وجههم كما فعل النائبان السابقان سليمان فرنجيه وطلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب ويعلنون صراحة انهم يؤيدون العماد ميشال عون للرئاسة الاولى لأن العماد سليمان لم يعد مرشحا توافقيا... وقد يعود البعض ويثير تعديل المادة 49 من الدستور لانتخاب العماد سليمان وعدم انتخابه على اساس المادة 74. وهذا معناه ان لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور لأن الغالبية ترفض العماد عون رئيساً للجمهورية، الآن وفي كل اوان، حتى انه اذا اصبحت الاقلية الحالية اكثرية بعد الانتخابات النيابية المقبلةـ، واصبحت الاكثرية الحالية اقلية فانها قد تفعل ما تفعله المعارضة اليوم اي مقاطعة كل جلسة انتخاب للحؤول دون اكتمال نصاب الثلثين. وهكذا يكون حلفاء سوريا في المعارضة هم الذين اوجدوا سابقة تعطيل النصاب للحؤول دون انتخاب رئيس للجمهورية، وسيأتي دور من يرشحون هم للرئاسة لممارسة هذا التعطيل ضدهم.

واذا لم ينتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية خلال دورة آذار، فان الحكومة مطالبة بتمديد ولاية العماد سليمان على رأس قيادة الجيش او تعيين قائد جديد وهذا يتطلب وضع مشروع قانون يعرض على مجلس النواب لاقراره، ولكن كيف سيتم ذلك اذا ظلت ابواب المجلس مقفلة، وعندها يتسلم قيادة الجيش رئيس الاركان بالوكالة وعندئذ يصبح اعلى منصب ماروني في المؤسسة العسكرية شاغرا بعد شغور اعلى منصب ماروني آخر في الدولة هو رئاسة الجمهورية، ويتحمل مسؤولية ذلك الزعماء الموارنة انفسهم في المعارضة، الذين عليهم قبل ان يطالبوا باستعادة "حقوق المسيحيين" ان يحافظوا على ما تبقى منها وليس التفريط بها لاسباب سياسية وحزبية ضيقة، او لمصالح ذاتية، وهو ما اشار اليه ممثل المجلس الشيعي الدكتور علي الحسن في كلمته في مؤتمر الكنائس المسيحية بقوله: "ان فراغ كرسي الرئاسة فرضه المحاور المسيحي الذي يعتقد انه يمثل 70 في المئة من المسيحيين".

واذا كان حلفاء سوريا في لبنان يمارسون لعبة تعطيل كل مؤسساته وشلها ليضعوا الغالبية الموالية بين خيارين: اما القبول بقيام حكم في لبنان موال لسوريا يعيد الوصاية اليه وان بصورة غير مباشرة من خلال العودة الى طرح اسماء مرشحين للرئاسة معروفين بولائهم المطلق لها، واما مواجهة استمرار الفوضى والشلل وتعريض لبنان دولة وكياناً ونظاماً للخطر، فان هؤلاء الحلفاء يجهلون ان الغالبية الموالية تستطيع وضع حلفاء سوريا في لبنان بين خيارين ايضا: اما انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، واما بقاء حكومة الرئيس السنيورة الى حين يتم هذا الانتخاب، وهي التي تتولى عندئذ صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء بموجب المادة 62 من الدستور. وان المعارضة وتحديدا حلفاء سوريا فيها هي التي تتحمل مسؤولية وضع البلاد في هذه الحالة الشاذة، وهي التي تتحمل مسؤولية اضطرار الحكومة الى تعيين وزراء بدلاء من بعض الوزراء المستقيلين وكذلك توسيعها بتعيين وزراء جدد بحيث تصبح حكومة ثلاثينية، فلا يعود ينفع عندئذ التفكير باغتيال وزراء من اجل تعطيل النصاب القانوني لمجلس الوزراء، مع العلم ان النصاب يحتسب على اساس الاحياء سواء في مجلس الوزراء او في مجلس النواب.

ويجهل حلفاء سوريا في لبنان ايضا ان الحكومة الحالية اذا ما استمرت بفعل استمرار تعطيل اجراء الانتخابات الرئاسية. فهي التي عليها ان تدرس وتقر مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية وهي التي ستشرف على الانتخابات النيابية المقبلة، وان الاكثرية النيابية هي التي ستدرس هذا المشروع وتصادق عليه، والا تحملت المعارضة مسؤولية تعطيل اجراء هذه الانتخابات لأي سبب من الاسباب كما تكون تحملت مسؤولية تعطيل اجراء الانتخابات الرئاسية.

هل للمعارضة اذاً مصلحة في ان تستمر حكومة الرئيس السنيورة لتتولى صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة ولتضع قانوناً جديداً للانتخاب قد لا يكون في مصلحة المعارضة، وتشرف على الانتخابات النيابية المقبلة، وهو اشراف يثير شكوك المعارضة لجهة تأمين الحرية والنزاهة. وهل للمعارضة مصلحة ايضا في ان يطرأ ما يحول دون اجراء الانتخابات النيابية في موعدها فيبقى مجلس النواب الحالي وتستمر الاكثرية النيابية الحالية ولو بقوة الاستمرار.

لذلك، فان مصلحة المعارضة هي في ان تعجل في انتخاب رئيس للجمهورية كي تتخلص من بقاء الحكومة الحالية، وفي ان يتم تأليف حكومة جديدة تكون ممثلة فيها كي تشارك في وضع قانون جديد للانتخاب يكون عادلا ومتوازنا ومقبولا ان لم يكن من الجميع فمن القوى السياسية الاساسية في البلاد. حتى اذا ما جرت الانتخابات النيابية المقبلة، فانها تجرى على اساسه، وتكون هذه الحكومة الممثلة لكل الاحزاب والكتل والتيارات هي التي تشرف عليها، او تتولى ذلك حكومة مستقلين لا مرشحين بين اعضائها امعانا في الحياد وتأمينا للنزاهة.

ليس امام المعارضة اذاً سوى خيار انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن كي تتخلص من استمرار بقاء الحكومة الحالية وقيامها بصلاحيات الرئيس، والتحضير لمواجهة انتخابات نيابية تحسم نتائجها الجدل القائم حول من يمثل اكثرية الشعب اللبناني كما تحسم الخيارات بين ان يكون لبنان مع هذا المحور او ذاك، او يكون خارج اي محور ويلتزم الحياد وان لا خيار للمعارضة غير ذلك الا اذا كان في نيتها او نية من هم وراءها، القيام بحركة انقلابية تغيِّر موازين القوى، وتقيم حكم الغالب والمغلوب، وهذا لا يتلاءم وتركيبة لبنان الدقيقة التي لا تحكم الا بالتسويات وعلى قاعدة لا غالب ولا مغلوب تجنباً لأي مضاعفات ومحاذير في شتى المجالات