د. محمد ناجي عمايرة (الرأي الاردنية) ، الخميس 28 شباط 2008
لا ينفك الزعماء العرب عن بذل جهود مخلصة ومضنية معاً من أجل ضمان عقد القمة العربية القادمة وتهيئة سبل إنجاحها.
والمشاورات واللقاءات الثنائية بين الملوك والرؤساء التي شارك فيها جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس حسني مبارك والعاهل السعودي والعاهل البحريني، والزيارات التي قام بها مسؤولون كويتيون وقطريون واماراتيون إلى دمشق، والمباحثات التي جرت عبر الاتصالات الهاتفية مع عدد من الزعماء العرب، كلها انصبت على هذا الهدف المهم، غير أن وجهات النظر التي توصف عبر الاعلام الرسمي بأنها (متطابقة) حول قضايا المنطقة التي سوف تكون على أجندة القمة العربية، تبدو متباينة، ولم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول المشاركة في القمة أو عدم المشاركة فيها. بينما تتداول تعليقات صحفية معلومات عن احتمال تغيّب بعض الزعماء عن المؤتمر اذا عقد في دمشق، أو تخفيض مستوى تمثيل دولهم فيه، بينما تقول معلومات اخرى ان هناك توجهاً لدى دول عديدة الى نقل مكان المؤتمر الى شرم الشيخ أو ربما تأجيله الى وقت أنسب!.
ما يأمله المراقب والمواطن العربي أن ينجح الزعماء العرب في الوصول إلى حلول سريعة لخلافاتهم حول المؤتمر، قبل الحديث عن الاتفاق على القضايا المطروحة، ناهيك عن أن فرص الحلول تكمن في داخل القمة لا خارجها، من وجهة نظر قومية.
وعلى الرغم من أن القمم العربية المختلفة ظلت تعقد في ظل خلافات أشد من هذه التي نشهدها بين القيادات السياسية العربية هذه الايام، فإن الحديث عن ضرورة الاتفاق على حل بشأن لبنان قبل القمة باللغة الشرطية، وإن كانت مصوغة بألفاظ دبلوماسية، سوف يؤدي إلى إفشال المؤتمر، طالما أن حل المسألة اللبنانية ليس ممكنا خلال أيام او اسابيع قليلة، وطالما أن أطراف النزاع اللبناني (داخليين وخارجيين) لا يمكن لهم ان يصلوا إلى اتفاق نهائي خلال هذه الفترة. وطالما أن الحل ليس في يد الدولة المضيفة للقمة ـ وحدها ـ ناهيك عما اذا كان لديها.
وهل هذا الشرط يعزز فرص عقد القمة ام يدفع باتجاه إلغائها أو تأجيلها؟! ثم إذا كان الوضع في لبنان غير قابل للحل، فهل سيسهّل عقد القمة خارج سورية (في شرم الشيخ مثلا) سبل حل الازمة اللبنانية وعمرو موسى يذهب ويجيء دون نتيجة تذكر؟!.
ثمة حساسيات باتت معروفة بين بعض الزعماء العرب هي التي تعرقل فرص عقد قمة دمشق.. وهذا هو ما يعزز فرص الاتفاق على نقل مكان المؤتمر، لكن النجاح المنشود سيبقى موضع شك، مالم يكن هناك اتفاق على القضايا المطروحة كلها، قضايا فلسطين، والعراق ولبنان ولا يوجد ما يؤكد أن هذا الاتفاق ممكن في وقت قريب.
الجميع يدركون مخاطر المرحلة وضرورة التعامل بجدية وموضوعية مع تحدياتها، ومن هنا تبدو الضغوط السياسية المتبادلة بين الأطراف العربية غير ذات جدوى، لأن وسائل الحلول خارج المنطقة تماماً!! إنجاح القمة ضرورة قومية مثلما هي مصلحة وطنية لسائر الدول المشاركة بعيدا عن الدوافع الذاتية والمآرب الشخصية