لبــــنان أولاً

زيّان (النهار)

ما جدوى أي قمة عربيَّة لا يحضرها لبنان، وما جدوى أي اجتماع عربي لا يكون لبنان في رأس جدول أعماله؟
على رغم جبل العراقيل الذي يعترض المبادرة العربيَّة ويجعل عمرو موسى يكثِّف زياراته لبيروت، ويكثَّف اجتماعاته مع حاملي سلال العقد العرقوبيّة والشروط التعجيزيّة، تبقى أزمة الانتخابات الرئاسية هي الهم والأهم في كل قمة مصغّرة أو مكبَّرة.

واذا لم تكن قمة دمشق قمة لبنانية في الدرجة الاولى، وفي عناوينها الكبرى، ولإنقاذ لبنان من محنة مفتعلة تستهدف القضاء عليه، فما جدوى هذه القمة أو أية قمة أخرى؟
صحيح ان المعاناة الفلسطينيّة كبيرة في غزة. وصحيح ان اسرائيل افلتت على فلسطينيي القطاع كل مخزونها من الهمجيَّة والإجرام وسط صمت دولي مريب، الا أن من البديهي ان تسارع الجامعة العربيَّة والدول العربيَّة الى اجتماعات طارئة ومتواصلة لمعالجة هذه الكارثة.
كما من البديهي الاصرار على مجلس الأمن، والشرعية الدولية، والمجتمع الدولي، والمؤسّسات الانسانية في العالم للتصدّي لهذه الآلة الهمجية وهي تفتك بالبشر والحجر، وتحرق الناس قبل الأخضر واليابس.

لكن ذلك على أهمّيته وأولويته، ليس من الضروري أن يكون على حساب المأزق اللبناني المزمن... والمرشح للانفجار في أي لحظة، والدخول في متاهات حروب لن تكون اسرائيل بعيدة منها حتماً، ولن تكون المنطقة بأسرها بمنأى عن نيرانها وتداعياتها.
من هنا التشديد على ضرورة الإسراع في معالجة أزمة الانتخابات الرئاسيَّة وفراغ السلطة في لبنان، وقول القائلين إن الفوضى اذا ما هبت رياحها في بيروت فان العواصف ستجتاح العواصم العربيَّة والاقليميَّة بأسرها. فلبنان أولا وأخيراً.

ولا تحسب هذه الدولة العربيَّة أن اصابعها بعيدة من نيران غزة ونيران بيروت، فتنام ملء جفونها عن شواردها وليسهر اللبنانيون جرّاها ويختصم.
على هذا الأساس يلحُ اللبنانيون على اشقائهم أن تكون قممهم ومؤتمراتهم ولقاءاتهم الجانبيَّة لبنانيَّة، ومن الألف الى الياء، وبكل التفاصيل، الى ان تنفتح أبواب مجلس النواب ويتم انتخاب الرئيس الجديد.
بعدها يكون لكل حادث حديث. وتكون بيروت في مقدِّم الصفوف العربيَّة، على جاري عاداتها.