الخوف الدائم والحرب القادمة

الخوف الدائم والحرب القادمة

هادي السبع أعين

لم يبد صديقي حماساً في تنظيم رحلة سياحية الى الجبل في عطلة نهاية الاسبوع. قال إن الوضع السياسي يقلقه. وأشار الى مناخ حربي يحيط بالمنطقة من جنوب لبنان الى دمشق فالخليج العربي حتى الحدود الايرانية مع أفغانستان.

قال إن ما يرقبه بتوتر هي التحضيرات الحربية الاسرائيلية والبوارج الأميركية واستدعاء احتياط الجيش السوري وتأهب "حزب الله" في الجنوب والبقاع و"نزوح" بعض العائلات من الجنوب باتجاه ضواحي بيروت وسفر عائلات جنوبية أخرى الى مصر بالاضافة الى تحذيرات بعض السفارات لرعاياها بتجنّب لبنان والتوترات الأمنية التي يشهدها الجنوب من وقت الى آخر.

قلت إن الطقس مشمس وجميل وإننا نحتاج لرحلة سياحية حتى نرفه عن أنفسنا. لكنه قال إنه غير مستعد للمخاطرة في الذهاب بعيداً عن العاصمة وفي لحظة غفلة تباغتنا الحرب. وذكرني بحرب تموز يوم علق في أحد الأديرة البعيدة القريبة من جزين. يومها قطع القصف الاسرائيلي الطريق عليه وظنّ للحظات أنه عالق حتى نهاية الحرب. لكنه نجح في الهرب عبر طرقات فرعية استدل عليها من السكان المحليين.

واليوم عاد يروي الخوف ذاته. بالنبرة ذاتها. بالقلق والريبة وانقطاع الهواء الذي يستدلّ عليه من صوته. أنهى حديثه بنكهة من المزاح محاولاً إخفاء رعب ينتابه من الحروب وها هو يستشعره من جديد عن بعد. كان الصديق واقعياً في حديثه. لم أفكر في مناقشته بصحة فكرته واقناعه بالتخلي عنها. كان صريحاً في التعبير عن الخوف من الحرب التي يبشرون بها كل يوم ونعدّ نحن الأيام قبل وصولها.

كأنّ الحروب لا تتعب ولا تكلّ فوق هذه الأرض. أو لعلّ هذه البلاد لا تعيش إلا في حلقة الموت والانبعاث. أما الخوف فلعله صار ميزة جديدة تضاف الى ميزات الكرم والطيبة والضيافة والمذهبية والتعددية الثقافية والابداع في التجارة والأعمال التي تطبع جميعها أخلاق الشعب اللبناني و"فضائله".