قمة رباعية "مفاجئة" في دمشق

في وقت اصبح شبه مؤكد أن لا عودة للامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت ولا اجتماع رباعياً قبل موعد الجلسة النيابية في 11 آذار - او بالاحرى موعد اللاجلسة مع انتظار اعلان الرئيس بري التأجيل السادس عشر-، شهدت العاصمة السورية اجتماعاً رباعياً من نوع آخر امس.
فقد ذكرت وكالة "رويترز" عن شهود ان وزراء خارجية ايران وعمان وقطر وسوريا عقدوا اجتماعا مفاجئاً في دمشق، واضاف هؤلاء ان الوزراء الاربعة التقوا في مطعم قريب من المطار الدولي للمدينة وان وزيري الخارجية الايراني والقطري غادرا دمشق فور انتهاء الاجتماع مباشرة. وأشارت الوكالة السورية "سانا"، إلى أن وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية كان قد وصل إلى دمشق بعد الظهر في زيارة وصفتها بأنها خاصة.
وأفاد مصدر ديبلوماسي عربي لصحيفة "المستقبل"ان الاجتماع الذي ضم وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي، والقطري الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني، والعماني يوسف بن علوي، والسوري وليد المعلم، بحث آخر التطورات الاقليمية و"مستجدات الاوضاع في لبنان وجلسة مجلس النواب المقررة الثلاثاء المقبل لانتخاب رئيس للبنان، اضافة الى الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة وقمة دمشق المقرر عقدها اواخر الشهر الحالي". وسألت صحيفة "النهار" رئيس مجلس النواب نبيه بري، رأيه في اللقاء فاكتفى بالقول: "ان شاء الله خير". وكانت لرئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة حركة اتصالات لافتة من بينها اتصال مع وزير الخارجية العماني الذي يزور دمشق، والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي عاد واتصل بالرئيس السنيورة .

وأوردت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان متكي الذي بحث الاربعاء في القاهرة مع نظيره السعودي الامير سعود الفيصل في الازمة اللبنانية وتداعياتها المحتملة على القمة العربية المقبلة في دمشق اجرى "اثناء توقفه في مطار دمشق بعد ظهر السبت محادثات" مع نظيره السوري "تناولت الاوضاع الراهنة في المنطقة وتطوراتها في فلسطين ولبنان". وجاءت زياره متكي لدمشق بعد يومين من زياره قام بها النائب الاول لرئيس الجمهورية برويز دادوي لدمشق استمرت يومين التقى خلالها الرئيس السوري بشار الاسد ونائبه فاروق الشرع ورئيس الوزراء محمد ناجي عطري.
واستمرت امس مسألة ملء الفراغ الرئاسي موضوع تكهنات، فتوقع وزير الشباب والرياضة احمد فتفت انتخاب رئيس جديد للجمهورية في 25 الحالي، اي قبل نحو 4 ايام من قمة دمشق داعيا الى "ترقب ما سيصدر عن الرئيس بري في اليومين المقبلين". ومن باريس، نقل مراسل "النهار" عن مصدر ديبلوماسي متابع للملف اللبناني توقعه الوصول خلال 10 أيام تقريباً الى اتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف حكومة على اساس المثالثة. مضيفاً "ان الجدل الذي دار حول قانون الانتخاب والذي يحتل المرتبة الثالثة في المبادرة العربية يعني ان هناك اتفاقاً ضمنياً على البندين الاولين، أي انتخاب رئيس جديد وتشكيل الحكومة". ولفت الى جهود يبذلها الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني في اتجاه دمشق لانجاح المبادرة العربية وسط ضغوط دولية لايجاد مخرج للازمة اللبنانية التي بات ينظر اليها كمصدر لخطر يتهدد المنطقة.

وعلمت "النهار" ان الاحتمالات لا تزال ضعيفة لانجاز الانتخابات الرئاسية قبل القمة مع ان اجتياز موعد 11 الحالي سيجعل الاستحقاق في فترة الدورة العادية لمجلس النواب التي تبدأ بعد منتصف آذار الحالي. واشارت اوساط رسمية الى أن "فرضية اجراء الانتخابات الرئاسية مرتبطة برغبة سورية في انقاذ القمة التي ستستضيفها. لكن المؤشرات لا تدل الى الآن على تغيير في سياسة النظام السوري". ولفتت مصادر "النهار" الى "ان تغييرا في سياسة طهران قد يحدث فارقا وهذا ما يجب مراقبته في الايام المقبلة". وذكرت "ان بعض التلميحات الى امكان الاتفاق على قيام حكومة على اساس مثالثة لا تستند الى واقع متين".
إلا ان مصادر ديبلوماسية عربية أعربت لـ"الحياة" عن خشيتها من إطالة أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان، حتى السنة 2009، استناداً الى معطيات لديها تفيد بأن الجانب الإيراني يميل الى معادلة "الجمود مع التهدئة" في لبنان خلال المرحلة المقبلة. وذكرت هذه المصادر أن جهات عربية تبلّغت من المسؤولين الإيرانيين أنهم لا يتوقعون حلولاً لأزمة الفراغ الرئاسي اللبناني، ويرجحون بقاء الجمود في الوضع اللبناني. وأوضحت هذه المصادر أن الأزمة اللبنانية أثيرت أثناء الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى بغداد الأحد الماضي، خلال المحادثات التي أجراها مع الرئيس العراقي جلال طالباني، وأن الجانب الإيراني اكتفى بالقول إن الأمور مرشحة للجمود في لبنان لكن طهران ستسعى الى استمرار التهدئة وعدم حصول اضطراب أمني.
وقالت المصادر الديبلوماسية العربية ذاتها لـ "الحياة" أن الاهتمام الإيراني في هذه المرحلة ينصب على أمور أخرى غير الأزمة اللبنانية، وأن هناك اتصالات بين إيران من جهة وعدد من الدول الغربية والولايات المتحدة من جهة أخرى، على رغم صدور قرار مجلس الأمن الأخير بتشديد العقوبات على طهران، والذي تعتبره قراراً يبقى تحت سقف الموقف الديبلوماسي ولا يتعداه الى استخدام القوة ضدها. وفي تقدير هذه المصادر العربية أن الحوار الذي بدأ بعيداً من الأضواء بين الغرب وإيران يفسر توجه طهران الى اعتبار أن الأزمة اللبنانية في حال جمود في المرحلة المقبلة. وهو يعني أن إيران مع حليفتها الأولى في المنطقة سورية، لن تقدما على تسليم أوراقهما، لا سيما في لبنان قبل اتضاح نتائج هذا الحوار، فضلاً عن أن طهران ودمشق تراهنان على تقطيع الوقت، حتى انتهاء ولاية الرئيس الأميركي جورج بوش مطلع السنة2009.
وأضافت المصادر: "إذا كان الجمود في لبنان والذي تتحدث عنه طهران سيستمر الى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، فإن هذا يعني بقاء الفراغ الرئاسي الى حينها، وقد يطول شهوراً بعد تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مسؤولياتها حتى تتضح سياستها تجاه إيران وبرنامجها النووي، ما يعني أيضاً أن هناك مخاطر بألا تحصل الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها في ربيع السنة 2009، لأن الأمر يحتاج الى تحضير وحكومة تقر قانون الانتخاب الجديد وأن يجتمع البرلمان لهذا الغرض".