14 اذار في سنتها الثالثة... حركة تاريخية نحو المستقبل

"درّة تاجها" مبدأ "لبنان أولا" ومصالحة نهائية الكيان واستقلاله... مع عروبته

14 اذار في سنتها الثالثة... حركة تاريخية نحو المستقبل

كلوفيس الشويفاتي

في الذكرى الثالثة لانطلاقها من الالتقاء العفوي للبنانيين، بعد شهر من استشهاد الرئيس رفيق الحريري، تبدو حركة 14 آذار يوماً بعد يوم تحولاً تاريخياً في مسار الفكرة اللبنانية، وعقداً جديداً بين اللبنانيين تم توقيعه بدماء الشهداء وانتفاضة الناس.

ولأنها حركة صنعها اللبنانيون بأيديهم وحناجرهم، ولأنها وحدة وطنية انبثقت من قهرهم، ولم يتم اسقاطها عليهم بطريقة فوقية، يحرصون على صونها وتحصينها من عواصف السياسة، ومن تغيرات المصالح، ويظلون في قلق: كيف السبيل الى حماية الحلم الذي تحقق؟

حركة 14 اذار، بحسب النائب وائل ابو فاعور، "ليست اجتماع طوائف بل هي اجتماع ضد مظالم النظام السوري في لبنان، هذا النظام الذي دخل على دم كمال جنبلاط، ربح فوق صدر المسيحيين، وخرج فوق دم رفيق الحريري". وأضاف "ذلك المشهد الذي رأيناه كان مشهد التحرر اللبناني من كل الوصاية التي امتدت على سنوات وضد كل المظالم التي لحقت به".

ولاحظ النائب انطوان زهرا، أن "استمرار تماسك قوى 14 اذار انتج على الاقل انسحاب الحيش السوري من لبنان"، رأى أن "14 آذار اسست لثقافة تواصل عبر الطوائف تعتمد مبدأ لبنان اولاً، وتعتمد المصالحة بين العروبة والوطنية، بمعنى ان فريقاً كبيراً من اللبنانيين، وهم السنّة، اعتمدوا لبنان اولاً، ورأوا ان الوطنية اللبنانية واعتماد مبدأ لبنان اولاً ليس نقيضاً للعروبة الثقافية وخصوصاً بعد ان اعتمد في العام 2007 مؤتمر القمة العربية في الرياض الكلام على ان العروبة هي عملية ثقافية، عملية انفتاح، بمعنى آخر تصحيح مفهوم العروبة كي تتناسب مع المفاهيم الوطنية للدول العربية".

وأضاف "هذه الروح الجامعة مستمرة والاهم هو أن المبادىء الثلاثة التي اعلنتها حركة 14 اذار وهي حرية وسيادة واستقلال اصبحت في المفهوم اللبناني والتركيبة اللبنانية، تختزن كل المفاهيم التي يمكن ان نعيش معها للمستقبل ولامد طويل، وتختزن الانفتاح، والتفاعل، والتطور، والتطلع المستقبلي، كما تختزن وتختزل ثقافة الوصل والحضارة الانسانية الحقيقية، لذلك بادرت 14 اذار، في الذكرى الثالثة لهذه الحركة، الى الدعوة الى مؤتمر تحت هذه العناوين ولدراسة قضايا اساسية في الكيان اللبناني وعلاقته بالمحيط العربي، بالقضية الفلسطينية، بالعالم، بالاغتراب اللبناني، وبالتالي من اجل اطلاق ورش عمل تفكر على مدى استراتيجي في هذه المفاهيم الانسانية والوطنية الكبرى، والتي هي في النتيجة روح 14 اذار، والتي تتطلع الى استرداد كل اللبنانيين الى التوجه نفسه ضمن اطار مشروع الدولة".

وفي رأي النائب الدكتور عمار حوري أن مشهد 14 شباط الفائت "اكد أن 14 اذار ككرة الثلج، لم تعد تعبر عن فريق سياسي في لبنان، بل اصبحت تعبر عن كل لبنان، بأطيافه المختلفة، بطوائفه، بتنوعه، بتحالفاته، وحتى بخصوماته". واضاف "14 اذار تعني الحرية والسيادة والاستقلال لكل لبنان. لا استثناء لاحد ولا الغاء لاحد. هكذا اصبحت 14 اذار بالمعنى الكامل للكلمة، وكلما تكررت المناسبة يتم تكريس هذه المعاني وتظهير الاضافات الايجابية".

وشدد رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون على أن "جميع الافرقاء اصبحوا مقتنعين تماماً بأن لبنان هو وطن نهائي". أكد "ما نريده في 14 اذار هو ان نعمل معاً لقيام جمهورية ديموقراطية، دولة قانون ودولة مقبولة من المجتمع الدولي".

ولأنها " فكرة قبل ان تكون تحالفاً سياسياً، وهي فكرة الوحدة اللبنانية خلف مطلب السيادة والاستقلال"، فان "حركة 14 اذار هي طبعاً قابلة للحياة"، على ما قال أبو فاعور: "انها فكرة مستقبلية وكذلك حركة مستقبلية تنتمي الى المستقبل اللبناني وليس الى الماضي".

لكن السؤال المطروح هو ما المطلوب لصون 14 آذار وجعلها تصمد أمام تقلبات السياسة؟

زهرا مطمئن الى أن "الظروف الموضوعية تؤكد استمرار التحالفات السياسية لان مشروع 14 اذار يختزل في مشروع قيام الدولة تحت سقف "اتفاق الطائف" ويواجه مشاريع اخرى تحاول جعل لبنان ساحة او منصة لمشاريع اقليمية لا علاقة لها برؤيتنا لمصلحة لبنان واستمراره ككيان كما هو معروف حتى الآن". وأضاف "ما دام هذا التحدي موجوداً، فإن حركة 14 اذار كروحية، تثبت انها واجبة الوجود والاستمرار من اجل ان تكون دافعاً لتحقيق مشروع الدولة والذي يترجم في الوقت الحالي عبر الانتخابات الرئاسية".

واكد ابو فاعور ان شروط ابقاء هذه الحركة حية "هي الالتزام بالمطلب الاستقلالي والقرار الوطني المستقل ومعرفة كيف يمكن ان نخلق هذا التكامل بين فكرة ان يكون لبنان وطناً حراً سيداً مستقلاً ولكن في الوقت نفسه وطناً عربياً ملتزماً كل موجبات العروبة. هذه هي المعادلة الدقيقة التي تعمل قوى 14 اذار على صوغها والتي بنت عليها كل هذا المجد وتحملت لاجلها كل هذه التضحيات خلال السنوات الماضية".

واعتبر ان "فكرة 14 اذار ان يكون لبنان بلداً سيداً حراً عربياً مستقلاً، هي درة تاج 14 اذار، وهي فكرة لا تشيب او تشيخ، وطبعاً، كتحالف سياسي، 14 اذار تحتاج الى اعادة استنهاض لنفسها وقواعدها كما حصل يوم 14 شباط وان تبقي هذا الفريق الاستقلالي قائماً في اي لحظة لان هذه المعركة هي معركة لبنان المستقبلي".

ولاحظ شمعون أن "ثمة اقتناعاً لدى 14 آذار بأن علينا أن نتحد في وجه الاخطار التي تحدق بلبنان، فلبنان لا يزال تحت الخطر حتى على المستوى الداخلي، اذ ثمة فئة من اللبنانيين لا تزال لسوء الحظ تتلقى اوامرها من الخارج...والطريقة الوحيدة لافشال هذه المخططات السورية وغير السورية التي تريد ابتلاع لبنان وتدميره هي في اتحادنا معاً، فـ14 اذار تحمل شعلة ومهمة وهي لبنان المستقل".

واعتبر حوري ان "شروط ابقاء 14 آذار حية هي التزام "اتفاق الطائف"، والدستور اللبناني، والتزام بنهائية لبنان ككيان، والتزام كون لبنان بلد لجميع اللبنانيين ولا يحق لاي فريق ان يأخذه الى حيث يريد هو، بل حق لبنان علينا ان نذهب جميعاً الى حيث يريد لبنان".

وراى ان "المطلوب لتبقى 14 اذار نابضة وحية في الفكر والاذهان ان تبقى فلسفة لبنان الكيان، التعددية، فلسفة لبنان الذي يحتوي كل الطوائف وفي الوقت نفسه هو لا طائفي، فلسفة لبنان المتنوع، المنفتح على الشرق والغرب، وفلسفة لبنان الذي يؤمن بأن اللبنانيين قادرون على فعل المستحيل".

وبحسب حوري، "العملية مستمرة ومتواصلة. نحن قدمنا وناضلنا من خلال الحوار، ولكن قبل ذلك وبعده قدمنا من خلال الشهداء والتضحيات التي قدمت في هذه المسيرة الطويلة التي كان يوم 14 شباط يوماً اساسياً فيها، ولكن، وكما قالت الامانة العامة لـ 14 اذار في مؤتمرها الصحافي قبل يومين، لم تبدأ يوم 14 شباط، بل لها جذور ضاربة في تاريخ نضال اللبنانيين، ستستمر هذه المسيرة من خلال الحوار ومن خلال كل ما هو ضروري ان نقدمه لهذه المسيرة".

أما زهرا فقال:"نحن نتمنى ان يستمر نضالنا بالطريقة السلمية والديمقراطية ولكن اذا اضطررنا لتقديم المزيد من الشهداء فلن نخاف او نتراجع او نتردد، ولكن ما تحتاجه 14 اذار هو اعادة انخراط القوى الحية من المجتمع المدني وعنصر الشباب وعنصر الاغتراب لان حركة 14 اذار هي حركة شعبية اكثر مما هي مجموعة احزاب سياسية". وخلص الى القول "الخطوة التي دعونا اليها هي اعادة اشراك كل هذه القطاعات للتفكير والعمل معاً من اجل بلورة افكارنا لتكون في متناول كل اللبنانيين".