المستقبل
حضر لبنان بقوة في الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب في دمشق أمس على الرغم من غياب من يمثله بعدما قررت الحكومة مقاطعة القمة احتجاجاً على دور سوريا في تعطيل انتخاب رئيس للبلاد. وقد نوقشت أزمته باستفاضة في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية المرتقبة غداً، واعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ان ازمة الرئاسة ستبحث بعمق في الاجتماعات المغلقة، فيما كرر وزير الخارجية السوري وليد المعلم هجومه على لبنان حكومة وسياسيين، رافضا ان "ينزل الى مستوى النقاش فيه" وفق ما قال خلال مؤتمر صحافي مع موسى.
وقرر وزراء خارجية الدول العربية الذين التأموا في اجتماع تحضيري أمس، اعتماد المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية التي أقرها وزراء الخارجية العرب في القاهرة قبل 3 أسابيع، إضافة الى إقرار مشروع قرار التضامن مع لبنان، في وقت أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أن أزمة الرئاسة ستبحث معمقاً في الاجتماعات المغلقة.وعلى الصعيد الدولي، أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بموقف مصر والسعودية حيال القمة، وأيد قرارهما عدم المشاركة في القمة، معتبراً أن سوريا تمادت في موقفها في شأن الأزمة اللبنانية.
موسى
وأعلن موسى خلال مؤتمر صحافي مع المعلم أنه تم إقرار القرارات كافة التي رفعها المندوبون الدائمون لدى الجامعة العربية، وقال إن أزمة الرئاسة في لبنان ستكون محور بحث معمق في اجتماعات القمة المغلقة، كاشفاً أنه سيعود قريباً الى بيروت من دون تحديد موعد الزيارة. ونفى تسلمه أي ورقة من لبنان
.وقال إن وزراء الخارجية العرب تبنوا مشروعي قرار بالإجماع بشأن لبنان. وأوضح أن الأول يتعلق بالتضامن مع لبنان لناحية تعزيز التنمية والاستقرار فيه، ومشروع القرار الثاني يؤكد على دعم المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية وتكليف الأمين العام للجامعة الاستمرار فيها.
وأكد الأمين العام للجامعة أن "العرب اتفقوا كلهم على المبادرة، وهي التي يمكن أن تساعد اللبنانيين على التحرك مستقبلاً (لحل أزمتهم)، لافتاً إلى أنه تقدم خطوات على طريق تنفيذ المبادرة و"نأمل أن نستأنف النشاطات والاتصالات بدعم كامل".وتابع "لا أعتقد أن التدويل يمكن أن يخدم لبنان، وهذا يتطلب من الزعماء اللبنانيين تحمل مسؤولياتهم".
وقال موسى في رد على سؤال يتعلق بما إذا كان هناك تفسيرات جديدة للمبادرة العربية بشأن لبنان: "لا توجد مبادرات أخرى. هناك مبادرة واحدة وعلينا أن نستمر بهذا.. لكي ننقذ لبنان من هذه الورطة.. سأعمل على أن أزور بيروت في وقت قريب لم أحدده بعد".
وأوضح رداً على سؤال حول وجود البوارج الأميركية في المنطقة: "لم نناقش مسألة البوارج، ولم نهتم بها أصلاً7-7-، هذه البوارج ليست موجودة أصلاً في المياه الإقليمية اللبنانية بل في المياه الدولية للبحر المتوسط".
المعلم
اما وزير الخارجية السوري، فواصل استهدافه لبنان حكومة وسياسيين. ورداً على سؤال بشأن الحل في لبنان، كرر المعلم موقف سوريا بأن "هذه بالدرجة الأولى مسؤولية اللبنانيين، ولا دولة تستطيع أن تحل مكان اللبنانيين بهذا الشأن"، داعياً الدول العربية التي تملك تأثير إلى ممارسة نفوذها.
ورداً عن سؤال عما اذا كان بإمكان الرئيس فؤاد السنيورة إلقاء كلمة للقادة العرب أثناء اجتماعهم على الرغم من مقاطعة لبنان، قال المعلم: "من لا يحضر القمة لا يلقي كلمة ونقطة على السطر".
وبشأن احتمال دعوة لبنان وزراء الخارجية العرب لاجتماع خارج دمشق بعد انتهاء القمة، قال المعلم "لا نريد أن ننزل إلى هذا المستوى من السجال في لبنان. عندما يتقدم لبنان بهكذا طلب ستدرس الأمانة العامة (للجامعة العربية) ورئاسة القمة ذلك".
وكان المعلم رفض في كلمة ألقاها في افتتاح اجتماع وزراء الخارجية العرب قبل أن تصبح الجلسات مغلقة، الاتهامات بأن دمشق تطيل أمد الازمة، وقال "إن سوريا تتطلع الى حل الأزمة السياسية في لبنان من خلال التوافق بين مختلف الأطراف اللبنانية بما يصون أمن لبنان واستقراره".
وتابع "لقد دعونا وما زلنا ندعو الى أن يكون الحل في لبنان بالتوافق بين اللبنانيين أنفسهم كما أكدنا ولا نزال نصر على الحاجة لمساعدة لبنان على التوصل الى ذلك التوافق على قاعدة لا غالب ولا مغلوب".
وزعم الوزير السوري "ان مصلحتنا ومصلحة لبنان تقتضي حل الأزمة القائمة فيه ونحن نقدر عالياً الجهود التي بذلها الأمين العام لجامعة الدول العربية للتوصل الى حل توافقي على أساس المبادرة العربية كخطة متكاملة".
وقال إن "الجهد السوري وحده لا يكفي ولا بد أن يكون الجهد مشتركاً تقوم به كافة الأطراف العربية التي لها في لبنان صداقات وتأثير وأخص بالذكر الأشقاء في المملكة العربية السعودية الذين يملكون تأثيراً قوياً على الأكثرية لا تملكه سوريا".
وأكد أن "سوريا تريد لبنان سيداً مستقلاً مستقراً، ونحن أول المتضررين من تأزم الأوضاع في لبنان وأول المستفيدين من استقراره"، لافتاً الى "ان روابط ومصالح عميقة تربطهما".
وفي اطار مواز، زعم المندوب السوري الدائم لدى الجامعة العربية يوسف الاحمد إن الرئيس بشار الأسد كان ينوي مناقشة الملف اللبناني بتفاصيله لو حضر لبنان القمة، وأنه "ليس لبنان الذي غاب بل حكومة (رئيس الوزراء فؤاد) السنيورة، وقد فوت لبنان على نفسه فرصة لأن الرئيس السوري كان يتجه لو حضر لبنان والدول الداعمة له لطرح مناقشة الوضع اللبناني بكل تفاصيله للوصول الى توجه عربي لحل الأزمة"
.فرنسا وبريطانيا
وفي لندن، أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بموقف مصر والسعودية حيال القمة. وأشار خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، إلى "ثقل" الدولتين المعنيتين عربياً، وقال: "عندما يقرر قادتهما عدم الذهاب إلى قمة فهذا يعني شيئاً ما، واعتقد أنهما على حق لأن سوريا ذهبت بعيداً".
أضاف: "لقد بعثنا برسائل عدة محددة إلى الرئيس السوري. فلبنان بلد حر ومستقل وليس بحاجة لدولة أخرى تحاول إدارة شؤونه مكانه وهذا ليس مفهوماً فرنسياً أو بريطانياً بل مفهوم ديموقراطي أن نترك اللبنانيين وشأنهم". وتابع ساركوزي: "أن تقرر دول وقادة حكماء مثل قادة السعودية ومصر عدم الذهاب إلى القمة لأنها تعقد في دمشق فلهذا مؤشر وعلى الرئيس بشار الأسد أن يصغي إليه".
وشدد الرئيس الفرنسي على أن الأمر "لا يتعلق بالغربيين والفرنسيين بل بأشقائه (للأسد) العرب الذين يقولون له كفى وأنا سعيد جداً أن نرى، في شأن موضوع مهم مثل هذا، أنها ليست مشكلة بين الغرب والشرق بل بين العرب والآخرين، إذ يقول بعض القادة العرب، الآن كفى".
براون من جهته أعرب عن "قلق" بلاده حيال الأزمة اللبنانية، وإزاء "تدخل سوريا في الشؤون اللبنانية"، مشيراً الى أن هذا الموقف لا يقتصر على الأوروبيين بل العرب أيضاً.
(ا ش ا، ا ف ب، رويترز، ا ب، سانا)